{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)}{وَلاهُمْ} {صِرَاطٍ}(142)- كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي مَكَةَ يَسْتَقْبِلُ فِي صَلاتِهِ الصَّخْرَةَ التِي فِي بَيْتِ المَقْدِسِ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ أَنْبِيَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَبلَهُ، وَلكِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ استِقْبَالَ الكَعْبَةِ، وَيَتَمَنَّى لَوْ أَنَّ اللهَ حَوَّلَ القِبْلََةَ إِلَيها، وَلِذلِكَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ استِقْبَالِ الكَعْبَةِ وَبَيتِ المَقْدِسِ، فَيَقِفُ جَنُوبِيَّ الكَعبَةِ مَسْتَقْبلاً الشِّمَالَ، فَتَكُونُ الكَعْبَةِ وَالصَّخْرَةُ في جِهةٍ وَاحِدَةٍ، وَتَابَعَ المُسْلِمُونَ نَبِيَّهمْ فِي ذلِكَ. وَلَمَّا هَاجَرَ الرَّسُولُ إِلى المَدِينَةِ تَعَذَّرَ عَليهِ الجَمْعُ بَينَ القِبلَتَين، فَصَلَّى مُستَقْبِلاً بَيْتَ المَقْدِسِ، وَبَقِيَ عَلَى ذلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْراً. وَنَبَّه اللهُ رَسُولَهُ- وَقبلَ أَنْ يَقَعَ ذلِكَ- إِلى أَنَّ اليَهُودَ سَيَتَّخِذُونَ مِنْ ذلِكَ التَّحَوُّلِ ذَريعةً للدَّسِّ والتَّشْكِيكِ للادِّعَاءِ بِأَنَّ دِينَهُمْ هُوَ الدِّينُ الحَقُّ، لأنَّ مُحَمَّداً وَصَحْبَهُ كَانُوا اتَّجَهُوا إِلى قِبْلَتِهِمْ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِمْ، فَمَا الذِي صَرَفَهُمْ وَوَلاهُمْ عَنْ القِبْلَةِ التِي كَانُوا عَلَيها؟ وَقَدْ تَأَثَّر بِذلِكَ المُنَافِقُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَمَنْ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ وَمَرَضٌ- وَهؤُلاءِ جَميعاً هُمُ السُّفَهَاءُ الذِينَ عَنَاهُمُ اللهُ تَعَالَى- فَقَالُوا: مَا وَلَّى المُسْلِمِينَ عَنْ قِبْلَتِهِمْ؟وَيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَى هؤلاءِ قَائِلاً: إِنَّ المَشْرِقَ وَالمَغْرِبَ للهِ وَلَهُ الأَمرُ كُلُّهُ، وَلا فَضْلَ لِجِهَةٍ عَلَى جِهَةٍ، وَحيثُما تَوَجَّهَ المُؤْمِنُ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ، وَالمُهِمُّ أَنْ يَمْتثِلَ النَّاسُ لأَمرِ اللهِ مِنْ غَيرِ تَشَكُّكٍ، وَدُونَ ارتِيَابٍ، وَهُوَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلى الصَّلاحِ وَالطَّريقِ المُستَقِيمِ المُوصِلِ إِلى جَنَّةِ اللهِ تَعَالَى.السَّفَهُ- هُوَ اضْطِرابُ الرَّأيِ وَالخُلُقِ. والسُّفَهَاءُ هُنَا هُمُ اليَهُودُ.مَا وَلاهُمْ- مَا صَرَفَهُمْ.